يوماً بعد يوم يتزايد ميل مجتمعاتنا نحو الأنماط الاستهلاكية، وبالتالي ازدياد معدلات الإنفاق الفردية والعائلية. كما يلعب دوراً هاماً في ذلك زيادة المعروض من المنتجات في الأسواق، وتصنيعها بكميات كبيرة في أسواق تتسم بانخفاض تكلفة الإنتاج واليد العاملة، ما يتيح أموراً مرغوبة من قبل مختلف شرائح الناس بأسعار منخفضة، وهي التي لم تكن في متناول يد الكثيرين في الماضي.
وتتصاحب هذه المتغيّرات التي تحدث على المستوى الاقتصادي مع تغيرات تطرأ على بنية المجتمع والعائلة، وفي مقدمتها خروج الوالدين للعمل، وازدياد أحجام المدن وبالتالي ارتفاع معدلات الازدحام وتمضية وقت أطول في التنقل جيئة وذهباً إلى العمل.
في ظل هذه الظروف يميل الكثير من الأهل إلى الإفراط في تدليل أولادهم وشراء كلّ ما يطلبونه، حتى أن ذلك بات من مقومات العلاقة بين الآباء والأبناء في بعض الأحيان، فكثير من الأنشطة العائلية قائمة على إنفاق المال.
ومن الأهمية في يومنا هذا أن يوجد الآباء الوقت لتمضيته مع أبنائهم، سواء أكان ذلك للعب أو مشاهدة فيلم عائلي أو الذهاب إلى الحديقة العامة أو ما خلا ذلك من أنشطة تقوم على التواصل والحوار. ويعد تناول وجبات الطعام معاً أحد أبرز الأنشطة العائلية التي تحفز التواصل وتتيح قضاء وقت عائلي قيّم.
ولسوء الحظ، فإنّ الأهل الذين لا يدركون ذلك، وينساقون وراء تلبية رغبات أولادهم معرضون لمغبة بناء العلاقة بينهم على أساس مادي عليهم ولخطر تنمية شعور بالاستحقاق لدى أطفالهم. ومع مرور الوقت، لا يعد الأبناء راغبين بقضاء الوقت مع كلا الوالدين أو أحدهما إذا لم يكن متضمناً إنفاق المال. ومع تنامي هذه الحالة، قد يميل الآباء إلى ازدراء نمط العلاقة مع أطفالهم ويشعرون بأنّ الأبناء يستغلونهم. على الرغم من كون ذلك أمراً مؤسفاً، فهذه هي الطريقة التي يجري تعليم بعض الأطفال على التواصل بها مع والديهم.
وهنالك مؤشر هام على حسن العلاقة يتمثل في كمية الوقت الذي يقضيه الآباء مع الأبناء. وفي هذا الإطار، يتعلم الأطفال الذين يقضي آباؤهم وأُمّهاتهم وقتاً طيباً معهم أن يشعروا بقيمة أهلهم لشخصهم. لذا، فبدلاً من كون ابتياع الأشياء أساساً للعلاقة بين الوالدين والطفل، يستحسن أن تقوم على الأنشطة، ولا سيما تلك التي تمثل متعة في حد ذاتها لكل من الوالدين والطفل.
*سابين رزق سكاف (أخصائية في علم النفس، معهد العلاقات البشرية)
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق